الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: عمدة السالك وعدة الناسك
.[الاستخلاف]: وإنْ كان الخليفةُ غيرَ مأمومٍ جازَ في الأولى وفي الثالثةِ مِنَ الرباعيةِ، لا في الثانيةِ والرابعةِ، ولا تجبُ نيةُ الاقتداء بالخليفةِ، بلْ لهمْ أنْ يُتمُّوا فرادى، ولوْ قدَّمَ الإمامُ واحداً والقومُ آخرَ فمقدمُهُمْ أولى. .فصل [في الإمامة]: وإمامُ المسجدِ وساكنُ البيتِ ولوْ بإجارةٍ مقدَّمانِ على الأفقهِ وما بعدَهُ، ولهما تقديمُ منْ أرادا. والسلطانُ الأعظم، والأعلى فالأعلى منَ القضاةِ والولاةِ، يُقدَّمونَ على الساكنِ وإمامِ المسجدِ وغيرهما. ويُقدَّمُ حاضرٌ وحرٌّ وعدلٌ وبالغٌ على مسافرٍ وعبدٍ وفاسقٍ وصبيٍّ، وإنْ كانوا أفقهَ. والبصيرُ والأعمى سواءٌ. ويكرهُ أنْ يؤمَّ قوماً يكرهُهُ أكثرهم بسببٍ شرعيٍّ. ولا يجوزُ الاقتداءُ بكافرٍ ولا مجنونٍ ولا ذي نجاسةٍ ظاهرةٍ، ولا رجلٌ وخنثى بامرأةٍ، ولا من يحفظُ الفاتحة بمنْ يخلُّ بحرفٍ منها، أوْ بأخرسَ أوْ أرتَّ أوْ ألثغَ، فإنْ ظهرَ بعدَ الصلاةِ أنَّ إمامهُ واحدٌ منْ هؤلاءِ لزمَهُ الإعادةُ، إلا إذا كانَ عليهِ نجاسةٌ خفيةٌ، أو كانَ محدثاً في غيرِ الجمعةِ، أوْ فيها وهوَ زائدٌ على الأربعينَ، فإنْ كملتْ بهِ الأربعونَ وجبتِ الإعادةُ. ويصحُّ فرضٌ خلفَ نفلٍ، وصبحٌ خلفَ ظهرٍ، وقائمٌ خلفَ قاعدٍ، وأداءٌ خلفَ قضاءٍ، وبالعكسِ. ولوِ اقتدى بغيرِ شافعيٍّ صحَّ إنْ لمْ يتيقنْ أنهُ أخلَّ بواجبٍ، وإلا فلا، والاعتبارُ باعتقادِ المأمومِ، وتكرهُ وراءَ فاسقٍ، وفأفاءٍ، وتمتامٍ، ولاحنٍ. .فصل [شروطُ القدوةِ وآدابُها]: وإنْ حضرَ رجالٌ وصبيانٌ ونساءٌ، تقدمَ الرجالُ، ثمَّ الصبيانُ، ثمَّ النساءُ، وتقفُ إمامةُ النساءِ وسْطهنَّ. ويكرهُ أنْ يرتفعَ موقفُ الإمامِ على المأمومِ وعكسُهُ، إلا أنْ يريدَ الإمامُ تعليمَهم أفعالَ الصلاةِ، أوْ يكونَ المأمومُ مبلِّغاً عن الإمامِ فيندبُ، لكنْ إنْ كانا في غيرِ مسجدٍ وجبَ أنْ يحاذيَ الأسفلُ الأعلى ببعضِ بدنهِ، بشرطِ اعتدالِ الخلقةِ. ومنْ لمْ يجدْ في الصفِّ فُرْجةً أحرمَ، ثمَّ يَجْذِبُ لنفسهِ واحداً منَ الصفِّ ليقفَ معهُ، ويندبُ لذلكَ مساعدتُهُ. ولوْ تقدَّمَ عَقِبُ المأمومِ على عقبِ الإمامِ لمْ تصحَّ صلاتُهُ. ومتى اجتمعَ المأمومُ والإمامُ في مسجدٍ صحَّ الاقتداءُ مطلقاً، وإنْ تباعدا أو اختلفَ البناءُ، مثل أنْ يقفَ أحدهما في السطحِ، والآخرُ في بئرٍ في المسجدِ، وإنْ أُغلقَ باب السطحِ، لكنْ يشترطُ العلمُ بانتقالاتِ الإمامِ، إما بمشاهدةٍ أو سماعٍ مبلِّغٍ. والمساجدُ المتلاصقةُ المتنافذةُ كمسجدٍ واحدٍ. ولوْ كانا في غيرِ مسجدٍ، في فضاءٍ كصحراءَ أوْ بيتٍ واسعٍ صحَّ اقتداءُ المأمومِ بالإمامِ إنْ لمْ يزدْ ما بينهما على الثلاثمئةِ ذراعٍ تقريباً، وإلا فلا، ولوْ صلى خلفَهُ صفوفٌ اعتُبرتْ الأذرعُ بين كلِّ صفٍّ والصفِّ الذي قُدامهُ، وإنْ بلغَ ما بينَ الأخيرِ والإمامِ أميالٌ، سواءٌ حال بينهما نارٌ أو بحرٌ يُحوِجُ إلى سباحةٍ أوْ شارعٌ مطروقٌ أمْ لا. ولوْ وقفَ كلٌّ منهما في بناءٍ كبيتينِ، أوْ أحدُهُما في صحنٍ والآخرُ في صُفّةٍ مِنْ دارٍ أوْ خانٍ أوْ مدرسةٍ فحكمُهُ حكمُ الفضاءِ، بشرطٍ أنْ لا يحولَ ما يمنعُ الاستطراقَ كشباكٍ، أو الرؤيةَ كبابٍ مردودٍ. وقيلَ: إنْ كانَ بناءُ المأمومِ عنْ يمينهِ أوْ شمالهِ وجبَ الاتصال، بحيثُ لا يبقى ما يسعُ واقفاً، وإنْ كانَ خلفَهُ وجبَ أنْ لا يزيدَ على ثلاثةِ أذرعٍ. ولوْ وقفَ الإمامُ في المسجدِ والمأمومُ في فضاءٍ متصلٍ بهِ صحَّ، إنْ لمْ يزدْ ما بينهُ وبينَ آخرِ المسجدِ على ثلاثمئةِ ذراعٍ، ولمْ يحُلْ حائلٌ، مثلُ أنْ يقفَ قُبالَةَ البابِ وهوَ مفتوحٌ، فإذا صحتْ لهذا صحت لمنْ خلفَهُ أوِ اتصلَ بهِ، وإنْ خرجوا عنْ قُبالةِ البابِ، فإنْ عدلَ عنْ قُبالةِ البابِ، أوْ حالَ جدارُ المسجدِ، أوْ شباكُهُ، أوْ بابُهُ المردودُ -وإنْ لمْ يُقفَلْ- لمْ يصحَّ. .باب: الأوقاتُ التي نُهي عن الصلاة فيها تحرمُ الصلاةُ ولا تنعقدُ: 2 - وعندَ الاستواءِ حتى تزولَ. 3 - وعندَ الاصفرارِ حتى تغربَ. 4 - وبعدَ صلاةِ الصبحِ. 5 - وبعدَ صلاةِ العصرِ. ولا يَحرُمُ فيها ما لهُ سببٌ كجنازةٍ، وتحيةِ مسجدٍ، وسنةِ وضوءٍ، وفائتةٍ، لا ركعتيْ إحرامٍ. ولا تكرهُ الصلاةُ في حرمِ مكةَ مطلقاً، ولا عندَ الاستواءِ يومَ الجمعةِ. .بابُ صلاة المريض: ويقعدُ كيفَ شاءَ، ويندبُ الافتراشُ، ويكرهُ الإقعاءُ ومدُّ رجلهِ. وأقلُّ ركوعهِ: محاذاةُ جبهتهِ قدَّامَ ركبتيهِ، وأكملُهُ: محاذاتُها موضعَ سجودهِ، فإنْ عَجَزَ عنْ ركوعٍ وسجودٍ فعلَ نهايةَ الممكنِ من تقريبِ الجبهةِ منَ الأرض، فإنْ عجزَ أومأَ بهما، ولو عجزَ عن القعودِ فقطْ لدمَّلٍ ونحوهِ أتى بالقعودِ قائماً، ولو أمكنهُ القيامُ -وبهِ رمدٌ أو غيرُهُ- فقالَ لهُ طبيبٌ معتمدٌ: إنْ صليتَ مستلقياً أمكنَ مداواتُكَ، جازَ الاستلقاءُ. ولوْ عَجَزَ عنْ قيامٍ وقعودٍ اضطجعَ على جنبهِ الأيمن مستقبلاً بوجههِ ومُقدَّمِ بدنهِ، ويركعُ ويسجدُ إنْ أمكنَ، وإلا أومأ برأسهِ، والسجودُ أخفضُ، فإنْ عجزَ فبطرفهِ، فإنْ عجزَ فبقلبهِ، فإنْ خرَسَ قرأَ بقلبهِ. ولا تسقطُ الصلاةُ ما دامَ يعقلُ. فإنْ عجزَ في أثنائها قعدَ، ويجبُ الاستمرارُ في الفاتحةِ إنْ عجزَ في أثنائها، وإنْ خفَّ قام، فإنْ كانَ في أثناء الفاتحةِ وجبَ الإمساكُ ليقرأَ قائماً، فإنْ قرأَ في نهوضهِ لمْ يعتدَّ بهِ، وإنْ خفَّ بعدَ الفاتحةِ قام ليركعَ منهُ، أو في الركوعِ قبلَ الطمأنينةِ ارتفعَ راكعاً، فإنْ انتصبَ بطلت، أوْ بعدها اعتدلَ قائماً ثمَّ يسجدُ، أوْ في اعتدالهِ قبلَ الطمأنينةِ قامَ ليعتدلَ، أو بعدَها سجدَ ولا يقومُ. .بابُ صلاةِ المسافرِِ: .[شروطُ السفرِ المبيحِ للقصرِ]: 2 - سفراً تبلغُ مسيرتُهُ ذهاباً ثمانيةً وأربعينَ ميلاً بالهاشميِّ، وهوَ يومانِ بلياليهما بسيْرِ الأثقالِ. فلهُ أنْ يصليَ الظهرَ والعصرَ والعشاءَ ركعتينِ ركعتينِ إذا كانتْ مؤدياتٍ، أوْ فائتةً في السفرِ فقضاها في السفرِ، فإنْ فاتتْه في الحضر فقضاها في السفرِ أو عكسُهُ أتمَّ، وفي البحرِ تعتبرُ هذهِ المسافةُ كما في البرِّ، فلوْ قطعها في لحظةٍ قصَرَ، ولوْ قصَدَ بلداً لهُ طريقانِ أحدهما دونَ مسافةِ القصرِ، فسلكَ الأبعدَ لغرضٍ، كأمنٍ وسهولةٍ ونزهةٍ، قصرَ، وإنْ قصدَ مجردَ القصرِ أتمَّ. 3 - معرفةُ القصدِ: ولا بدَّ منْ مقصدٍ معلومٍ، فلوْ طلبَ آبقاً لا يعرفُ موضعهُ، أو سافرَ عبدٌ وامرأةٌ وجنديٌّ معَ سيدٍ وزوجٍ وأميرٍ ولمْ يعرفوا المقصدَ، لمْ يقصروا، وإنْ عرفوهُ قصَرُوا بشرطهِ، والعاصي بسفرهِ -كآبقٍ وناشزةٍ- يتمُّ. 4 - مجاوزةُ العمران: ثمَّ إنْ كانَ للبلدِ سورٌ قصَرَ بمجردِ مجاوزتهِ، سواءٌ كانَ خارجَهُ عمارةٌ أمْ لا، وإنْ لمْ يكنْ لهُ سورٌ فبمجاوزةِ العمرانِ كلِّهِ، ولا يُشترطُ مجاوزةُ المزارعِ والبساتينِ والمقابرِ. والمقيمُ في الصحراءِ يقصُرُ بمفارقةِ خيامِ قومهِ. ثمَّ إذا انتهى السفرُ أتمَّ، وينتهي بوصولهِ إلى وطنهِ، أوْ بنيةِ إقامةِ أربعةِ أيامٍ غيرَ يوميِ الدخولِ والخروجِ، أو بنفس الإقامةِ وإن لم ينوها، فمتى أقامَ أربعةَ أيامٍ غيرَ يومي الدخولِ والخروجِ أتمَّ، اللهمَّ إلا أنْ يقيمَ لحاجةٍ يتوقعُ نجازَها وينوي الارتحالَ إذا انقضتْ، فإنهُ يقصُرُ إلى ثمانيةَ عشَرَ يوماً، فإنْ تأخرَتْ عنها أتمَّ، وسواءٌ الجهادُ وغيرُهُ. ولوْ وصلَ مقصدَهُ فإنْ نوى الإقامةَ المؤثِّرةَ أتمَّ، وإلا قصرَ إلى أربعةِ أيامٍ، أوْ ثمانيةَ عشَرَ إنْ توقعَ حاجتَهُ كلَّ وقتٍ. وشروط القصر: 1 - وقوعُ الصلاةِ كلِّها في السفرِ. 2 - ونيةُ القصرِ في الإحرامِ. 3 - وأن لا يقتديَ بمتمٍّ في جزءٍ منَ الصلاةِ. فلوْ نوى الإقامةَ في الصلاةِ، أوْ شكَّ هلْ نوى القصرَ أمْ لا، ثمَّ ذكرَ قريباً أنهُ نواهُ، أوْ تردَّدَ هلْ يتمُّ أمْ لا، أوْ هلْ إمامُهُ مقيمٌ أمْ لا، أتمَّ. ولوْ جهلَ نية إمامهِ فنوى إنْ قصرَ قصرتُ، وإنْ أتمَّ أتممْتُ صحَّ، فإنْ قصرَ قصرَ، وإنْ أتمَّ أتمَّ. .[جمعُ الصلاةِ بسبب السفر]: وإذا جمعَ تقديماً فشرطُهُ: 1 - دوامُ السفرِ. 2 - وتقديمُ الأولى. 3 - ونيةُ الجمعِ قبلَ فراغِ الأولى: إمّا في الإحرامِ، أوْ في أثنائها. 4 - وأنْ لا يُفرقَ بينهما، فإنْ فرَّقَ يسيراً لمْ يضرَّ، فيغتفرُ للمتيممِ طلبٌ خفيفٌ. فإنْ قدّمَ الثانيةَ فباطلةٌ، وإنْ أقامَ قبلَ شروعهِ في الثانيةِ، أوْ لمْ ينوِ الجمعَ في الأولى، أوْ فرقَ كثيراً، وجبَ تأخيرُ الثانيةِ إلى وقتها، وإنْ أقامَ بعدَ فراغهما مضتا على الصِّحَّةِ. وإذا جمعَ تأخيراً لمْ يلزمْهُ إلا أنْ ينويَ قبلَ خروجِ وقتِ الأولى بقدرِ ما يَسعُ فعلَها أنهُ يؤخرُ ليجمعَ، فلوْ لمْ ينوِهِ أثمَ وكانت قضاءً. ويندبُ الترتيبُ، والموالاةُ، ونيةُ الجمعِ في الأولى. .[جمع الصلاة بسبب المطر]: .بابُ صلاةِ الخوفِ: .[العدو في غير جهة القِبلة]: .[العدوُّ في جهة القِبلة]: ويُندبُ حمْلُ السلاحِ في صلاة الخوف. .[حالة التحام القتال]: ولهُ أنْ يبسطَ على فرشِ الحريرِ منديلاً ونحوَهُ ويجلسُ فوقهُ، ويجوزُ لبسُهُ لحرٍّ وبردٍ مُهْلِكَيْنِ، وسترِ عورةٍ، ومفاجأةِ حربٍ إذا فُقدَ غيرُهُ، ولحكَّةٍ ودفعِ قملٍ، ويجوزُ ديباجٌ ثخينٌ لا يقومُ غيرُهُ مقامَهُ في الحربِ. ويجوزُ لبسُ ثوبٍ نجسٍ في غيرِ الصلاةِ، ويَحرُمُ جلدُ ميتةٍ إلا لضرورةٍ، كمفاجأةِ حربٍ ونحوهِ، ويجوزُ أنْ يُلبِسَ دابتهُ الجلدَ النجسَ سوى جلدِ الكلبِ والخنزيرِ. ويحرُمُ على الرجال حليُّ الذهبِ، حتى سنُّ الخاتمِ، والمطليُّ بهِ، فلوْ صدئ وصار بحيثُ لا يبينُ جازَ، ويباحُ شدُّ سنٍّ وأنملةٍ بذهبٍ، واتخاذُ أنفٍ وأنملةٍ منهُ، لا أصبعٍ، ويجوزُ درعٌ نسجتْ بذهبٍ، وخوذةٌ طُليتْ بهِ، لمفاجأةِ حربٍ ولمْ يجدْ غيرَهُما. ويجوزُ خاتمُ الفضةِ، وتحليةُ آلةِ الحربِ بها، كسيفٍ، ورمحٍ، وطَبْرٍ، وسهمٍ، ودِرْعٍ، وجوشَنٍ، وخوذةٍ، وخفٍّ، لا سَرْجٍ، ولجامٍ، وركابٍ، وقلادةٍ، وطرفِ سُيُورٍ، ودواةٍ ومِقْلَمَةٍ وسكينِ مهنةٍ ومِهفّةٍ، وتعليقِ قنديلٍ ولوْ بمسجدٍ، وغيرِ الخاتمِ منَ الحليِّ كطوقٍ ودُمْلُجٍ وسوارٍ وتاجٍ، وفي سقفِ البيتِ والمسجدِ وجدرانهما، فلوْ استُهلِكَ بحيثُ لا يجتمعُ منهُ شيءٌ بالسبْكِ جازتْ الاستدامةُ وإلا فلا. ويجوزُ تحليةُ المصحفِ والكَتْبُ بالفضةِ للمرأة والرجلِ، ويجوزُ تحليةُ المصحفِ بالذهبِ للمرأةِ، ويحرُمُ على الرجلِ. ويجوزُ للمرأةِ حليُّ الذهبِ كلُّهُ حتى النعْلُ، والمنسوجُ بهِ، بشرطِ عدمِ الإسرافِ، فإنْ أسرفتْ كخَلخالٍ مئتا دينارٍ حرُمَ، ويحرُمُ عليهنَّ تحليةُ آلةِ الحربِ ولوْ بفضةٍ. .بابُ صلاةِ الجمعةِ: والمقيمُ بقريةٍ ليسَ فيها أربعونَ كاملونَ: فإنْ كانَ بحيثُ لوْ نادى رجلٌ عالي الصوتِ بطرفِ بلدِ الجمعةِ الذي من جهةِ القريةِ -والأصواتُ والرياحُ ساكنةٌ- لسمعَهُ مصغٍ صحيحُ السمعِ، واقفٌ بطرفِ القريةِ الذي من جهة بلد الجمعةِ لزمتِ الجمعة كلَّ أهلِ القريةِ، وإنْ لمْ يسمعْ فلا تلزمُهُمْ. ومنْ لا تلزمُهُ إذا حضرَ الجامعَ لهُ الانصرافُ، إلا المريضَ الذي لا يشقُّ عليهِ الانتظارُ، وجاءَ بعدَ دخولِ الوقتِ، والأعمى، ومنْ في طريقهِ وحلٌٌ فتلزمهمُ الجمعةُ. ومنْ لا تلزمُهُ مخيرٌ بينها وبينَ الظهرِ، ويُخفون الجماعةَ في الظهرِ إنْ خفيَ عذرُهمْ، ويُندبُ لمنْ يرجو زوالَ عذرهِ -كمريضٍ وعبدٍ- تأخيرُ الظهرِ إلى اليأسِ منَ الجمعةِ، وإنْ لمْ يرجُ زوالَهُ كالمرأةِ فيندبُ تعجيلهُ. ومنْ لزمتْهُ الجمعةُ لمْ يصحَّ ظهرُهُ قبلَ فواتِ الجمعةِ، ويحرُمُ عليه السفرُ منْ طلوعِ الفجرِ، إلا أنْ يكونَ في طريقهِ موضعُ جمعةٍ، أوْ ترحَلَ رفقتُهُ ويتضررُ بالتخلفِ. .[شروطُ الجمعة]: 1 - أنْ تقامَ جماعةً. 2 - في وقتِ الظهرِ. 3 - بعدَ خطبتينِ. 4 - في خطةِ أبنيةٍ مجتمعةٍ. 5 - بأربعينَ رجلاً أحراراً بالغينَ عقلاءَ، مستوطنينَ حيثُ تقامُ الجمعة، لا يظعَنونَ عنهُ إلا لحاجةٍ. 6 - وأنْ لا تسبِقها ولا تقارِنَها جمعةٌ أخرى حيثُ لا يَشُقُّ الاجتماعُ في موضعٍ واحدٍ. والإمامُ واحدٌ منَ الأربعينَ، فلوْ نقصُوا في الصلاةِ عن الأربعينَ، أوْ خرجَ الوقتُ في أثنائها، أتمُّوها ظهراً، ولوْ شكوا قبلَ افتتاحها في بقاءِ الوقتِ صلوا ظهراً، وإنْ شقَّ الاجتماعُ بموضعٍ، كمصرَ وبغدادَ جازتْ زيادةُ الجُمَعِ بحسَبِ الحاجةِ، وإنْ لمْ يشقَّ كمكةَ والمدينةِ فأقيمتْ جمعتانِ فالجمعةُ هيَ الأولى والثانيةُ باطلةٌ، وإنْ وقعتا معاً، أوْ جُهلَ السَّبقُ، استؤنفتْ جمعةٌ. .[أركانُ الخطبةِ]: 1 - الحمدُ لله. 2 - والصلاةُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم. 3 - والوصيةُ بالتقوى. يجب ذلك في كلٍّ من الخُطبتين، ويتعينُ لفظُ الحمدُ لله والصلاةِ، ولا يتعينُ لفظُ الوصيةِ فيكفي: أطيعوا الله. 4 - والرابعُ: قراءةُ آيةٍ في إحداهُما. 5 - والخامس: الدعاء للمؤمنين في الثانية. .[شروط الخطبةِ وسننُها]: وسننُهُما: منبرٌ أوْ موضعٌ عالٍ، وأنْ يُسلِّمَ إذا دخلَ وإذا صعدَ، ويجلسَ حتى يؤذنَ، ويعتمدَ على سيفٍ أوْ قوسٍ أوْ عصا، ويُقبِلَ عليهم في جميعهما. .[فصل]: في صفة صلاة الجمعة: .[سننُ مريد الجمعة]: ويكرهُ للمرأةِ إذا حضرت: الطيبُ وفاخرُ الثيابِ. ويُبَكِّرَ وأفضلهُ منَ الفجرِ، ويمشي بسكينةٍ ووقارٍ، ولا يركبَ إلا لعذرٍ، ويدنوَ مِنَ الإمامِ، ويشتغلَ بالذكرِ والتلاوةِ والصلاةِ، ولا يتخطى رقابَ الناسِ، فإذا وجدَ فرجةً لا يصلُ إليها إلا بالتخطي لمْ يكرهْ. ويحرُمُ أنْ يقيمَ رجلاً ويجلسَ مكانهُ، فإنْ قامَ باختيارهِ جازَ. ويكرهُ أنْ يؤثرَ غيرَهُ بالصفِّ الأولِ، أوْ بالقربِ منَ الإمامِ، وبكلِّ قربةٍ. ويجوزُ أنْ يبعثَ منْ يأخذُ لهُ موضعاً يبسطُ شيئاً فيهِ، ولكنْ لغيرهِ إزالتُهُ والجلوسُ مكانهُ. ويكرهُ الكلامُ والصلاةُ حالَ الخُطبةِ ولا يحرمانِ، فإنْ دخلَ صلى التحيةَ فقطْ ويخففها. .[سنن يوم الجمعة]: .باب صلاةِ العيدينِ: ويندبُ حضورُ الصبيانِ بزينتهم، ومنْ لا تُشتهى منَ النساءِ بغيرِ طيبٍ ولا زينةٍ، ويكرهُ لمشتهاةٍ، ويبكرَ بعدَ الفجرِ ماشياً، ويرجعَ في غيرِ طريقهِ، ويتأخرَ الإمامُ إلى وقتِ الصلاةِ، وينادى لها وللكسوفِ والاستسقاءِ: الصلاةُ جامعةٌ. وهي ركعتانِ، ويكبرُ في الأولى بعدَ الاستفتاحِ وقبلَ التعوذِ سبعَ تكبيراتٍ، وفي الثانيةِ قبلَ التعوذِ خمساً غيرَ تكبيرةِ القيامِ، يرفعُ فيها اليدين، ويذكرُ الله تعالى بينهنَّ، ويضعُ اليمنى على اليسرى، ولوْ تركَ التكبيرَ أوْ زادَ فيهِ لمْ يسجدْ للسهوِ، ولوْ نسيهُ وشرع في التعوذِ فاتَ، ويقرأُ في الأولى (ق) وفي الثانيةِ (اقْتَرَبَتِ)، وإنْ شاءَ قرأ (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى) و (الْغَاشِيَةِ)، ثمَّ يخطبُ بعدهما خطبتينِ كالجمعةِ، ويفتتحُ الأولى ندباً بتسعِ تكبيراتٍ والثانيةَ بسبعٍ، ولوْ خطبَ قاعداً جازَ. |